50 عاماً - قيام دولة الإمارات العربية المتحدة

شهد تاريخ 2 ديسمبر 1971 قيام دولة الإمارات العربية المتحدة. مرّ خمسون عاماً على ذلك التاريخ، عرفت خلالها الدولة تحوّلاً عظيماً فاق توقعات الجميع.

تسلسل الأحداث منذ الإعلان الرسمي لمشروع تأسيس الدولة حتى تاريخ قيام الاتحاد وما تلاه من محطات لافتة، تشكّل مجتمعةً صورة متكاملة للعقبات والتحديات التي استطاع هذا الكيان الحديث المنشأ من تخطيها ليصبح على ما هو عليه اليوم.

تتوفّر في نهاية المعرض صور وسير ذاتية للحكّام السبعة القادة الذين انضموا للاتحاد، طيّب الله ثراهم.

المعرض الإضافي يستعرض بدوره نبذة عن أبرز المحطّات والأحداث التي عاشتها دولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات الخمسين التي مرّت على قيامها.

المؤلّف: الأرشيف الوطني، دولة الإمارات العربية المتحدة

18 يوليو 1971

بيان ألقاه حكّام أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان وأمّ القيوين والفجيرة، معلنين قيام دولة الإمارات العربية المتحدة والدستور المؤقّت

1 - 9 أغسطس 1971

مؤتمر الإمارات الستّ للتباحث في كافة جوانب دستور دولة الإمارات العربية المتحدة والأطر القانونية ذات الصلة

2 سبتمبر 1971

بعثة الإمارات العربية المتحدة إلى الخليج والبلدان العربية

30 سبتمبر 1971

وزراء الخارجية العرب يعبّرون عن دعمهم الكامل للاتحاد

24 نوفمبر 1971

البرنامج المؤقّت ليوم الاتحاد

 

 

 

البرنامج المؤقّت ليوم الاتحاد، 24 نوفمبر 1971. © تم نسخ الصور بتصريح من الأرشيف الوطني، لندن، إنكلترا

1 ديسمبر 1971

بريطانيا تنهي العلاقات التعاهدية مع أبوظبي وجميع الإمارات

2 ديسمبر 1971

قيام دولة الإمارات العربية المتحدة

2 ديسمبر 1971

قيام دولة الإمارات العربية المتحدة - بالصور

2 ديسمبر 1971

قيام دولة الإمارات العربية المتحدة - فيديو

6 ديسمبر 1971

أوّل سفير بريطاني إلى دولة الإمارات العربية المتحدة يقدّم أوراق اعتماده

9 ديسمبر 1971

أصبحت دولة الامارات العربية المتحدة العضو رقم 132 في الأمم المتحدة؛ الشيخ زايد يعيّن وزراء الحكومة الأولى؛ بيان لرئيس المجلس الأعلى بشأن الاجتماع

16 ديسمبر 1971

تعيين مجلس وزراء دولة الإمارات العربية، وانعقاد اجتماعه الأوّل في أبوظبي

6 فبراير 1972

اجتماع مجلس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة

 

 

 

انعقد اجتماع مجلس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، 6 فبراير 1972. © تم نسخ الصور بتصريح من الأرشيف الوطني، لندن، إنكلترا

10 فبراير 1972

رأس الخيمة تنضمّ إلى دولة الإمارات العربية المتحدة

13 فبراير 1972

الاجتماع الأوّل للمجلس الوطني للاتحاد انعقد في أبوظبي

حكّام الإمارات يجتمعون أثناء الدورة الأولى للمجلس الوطني الاتحادي في أبوظبي، 13 فبراير 1972. © الأرشيف الوطني

4 إبريل 1972

دولة الإمارات تعتمد دستور منظمة اليونسكو

 

 

 

دولة الإمارات العربية المتحدة تعتمد دستور منظمة اليونسكو، 4 إبريل 1972. © تم نسخ الصور بتصريح من الأرشيف الوطني، لندن، إنكلترا

22 سبتمبر 1972

دولة الإمارات العربية المتحدة تنضم إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير

 

 

 

دولة الإمارات العربية المتحدة تصبح العضو رقم 124 في صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، 22 سبتمبر 1972. © تم نسخ الصور بتصريح من الأرشيف الوطني، لندن، إنكلترا

الآباء المؤسّسين

في 2 ديسمبر 2021، تحتفي دولة الإمارات العربية المتحدة بذكرى الخمسين على قيامها. في هذا المعرض الالكتروني يستذكر الأرشيف الوطني الآباء المؤسّسين للدولة، حكّام الإمارات السبع، الذين بذلوا جهود جبّارة للانضمام إلى الاتحاد الذي أصبح دولة الإمارات العربية المتحدة.

بقيادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الرشيدة، نجح هؤلاء الرجال الشجعان في التوافق على ملامح الدولة الناشئة، وبجهودهم ولدت دولة شامخةً فاقت جميع التوقعات وصمدت في وجه أكبر التحديات بعد خمسين عاماً على تأسيسها.

يُعرف عن الإمارات العربية المتحدة على صعيد العالم أجمع أنها حقّقت أعلى مستويات الحداثة والسلام والتسامح وبعد النظر، وأنها تعدّت حواجز هذا الكوكب لتستكشف الفضاء في مهمتها الأخيرة إلى كوكب المرّيخ. لم يتوقع الكثيرون في عام 1971 أنه بحلول الذكرى الخمسين على قيام الاتحاد كانت ستحقّق الدولة هذا الكمّ من الإنجازات؛ والفضل يعود بجزئه الأكبر إلى الآباء المؤسّسين، حكّام الإمارات السبع، الذين مهدّوا الطريق لنهج التقدّم والازدهار، والذي حرص ورثتهم على الاستمرار به بلا كلل. 

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (1918 – 2004)

 

 

الرئيس الأوّل لدولة الإمارات العربية المتحدة من 1971 حتى 2004، وحاكم  إمارة أبوظبي من 1966 حتى 2004

ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في إمارة أبوظبي عام 1918. والده الشيخ سلطان بن زايد كان حاكماً لإمارة أبوظبي بين عاميّ 1922 و1926، وكان الشيخ زايد الابن الأصغر بين أربعة أشقّاء، وحمل اسم جدّه الذي عُرف بـ"زايد الأوّل" الذي حكم الإمارة بين 1885 و1909. تشكّلت شخصيته في فجر شبابه عندما كان في مدينة العين، واستمد الكثير من صفائها ورحابتها، واكتسب صفات الزعامة والقيادة التي اتسمت بها شخصيته الفذة.

عُين الشيخ زايد عام 1946 ممثلاً لشقيقه الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم إمارة أبوظبي في المنطقة الشرقية، وامتدت فترة ولايته فيها عشرين عاماً، اشتهر خلالها بشخصيته القيادية بين سكان المنطقة، وحظي بسمعة طيبة، وكان نموذجاً يُحتذى به في إدارة الحكم، حيث كان يتخذ قراراته بموافقة القبائل المختلفة وإجماعها، ويسافر إلى جميع المناطق القريبة والنائية للاطمئنان على الناس، وتفقد أحوالهم، والسؤال عن حاجاتهم ومشاورتهم. كان مجلسه مفتوحاً للجميع، وتمثَّلت مبادئ القيادة لديه في بناء الروابط القوية بينه وبين أفراد شعبه وحرصه على الإشراف بنفسه على تنفيذ الإصلاحات، حتى أصبح قدوةً للكرم وحسن الضيافة.

مع اكتشاف النفط في إمارة أبوظبي في أواخر خمسينيات القرن العشرين تحوّل المشهد الاقتصادي برمته في أبوظبي، وبدأ معه عصر جديد من التطوّر. عندما صَدَّرت أبوظبي أول شحنة نفط عام 1962 بات جلياً أن الإمارة في أمسِّ الحاجة إلى رؤية جديدة للحكم لتتصدى للتحديات و تحقّق الاستفادة القصوى من إيرادات النفط. جاء اختيار عائلة آل نهيان للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ليكون حاكماً لإمارة أبوظبي في 6 أغسطس 1966، فاستلم مقاليد الحكم من الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، وبدأت عندئذٍ مرحلة جديدة من تاريخ أبوظبي.

بدأ الشيخ زايد بتحقيق إصلاحات واسعة النطاق في البلاد، فشرع إلى تحديث نظام التعليم والرعاية الصحية والإسكان والتطوير المدني بشكلٍ عام، ووضع برنامجاً ضخماً لعملية الإنماء، وبدأ يدفع أبناء شعبه إلى المشاركة بكل طاقاتهم في هذه العملية، ودعا الكفاءات الأجنبية لدعم هذه المسيرة بالخبرات. لم تمضِ أيام على تسلمه مقاليد الحكم حتى أعلن إقامة حكومة رسمية حديثة بالإدارات والدوائر، وأوكل إليها المهام اللازمة لتسيير أمور الدولة.

عندما أعلنت بريطانيا عام 1968 نيتها سحب قواعدها من شرق السويس، بات من الضروري على الإمارات أن تخطو خطوة تغير بها وجه التاريخ في المنطقة، ولاسيما أن منطقة الخليج العربي كانت عُرضةً لغزو القوى التوسعية. قام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع أخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي آنذاك ببادرة كان لها أثر عظيم على ما جاء بعدها من أحداث؛ فاتفاقية السميح التي وقّعا عليها في 18 فبراير 1968 فتحت الباب أمام مباحثات الاتحاد التساعي بين الإمارات السبع وشقيقتيها البحرين وقطر، وآلت الأمور في النهاية إلى قيام اتحاد الإمارات باسم "دولة الإمارات العربية المتحدة" بعد أن أعلنت البحرين وقطر استقلالهما.

تأسّست دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر عام 1971، وانتخب حكّام الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالإجماع رئيساً للدولة الجديدة لمدّة خمس سنوات. جَدَّد له المجلس الأعلى ثقته فيه بانتخابه عدة مرات، وانتُخب الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائباً له.

تعدّدت الإنجازات التي حقّقها الشيخ زايد في إمارة أبوظبي وفي الدولة بصفته رئيسها، فاستمرّ في منصبه حتى توفي في 2 نوفمبر 2004.

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يتحدّث في السنوات التي تلت قيام الدولة عن التحديات ومواطن القوّة في الاتحاد

الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم (1912-1990)

 

 

نائب الرئيس الأوّل لدولة الإمارات العربية المتحدة من 1971 حتى 1990، وحاكم إمارة دبي من 1958 حتى 1990

اختلفت المصادر في تحديد سنة ولادة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وعلى الأرجح أنه ولد عام 1912، وقد نشأ في منطقة الشندغة بإمارة دبي تحت كنف والده الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم المعروف بالتقوى والحكمة وسعة الصدر ورجاحة العقل. والدته هي الشيخة حصة بنت المر بن حريز الفلاسي المعروفة بـ"أم دبي" كانت لها مكانة خاصة في قلوب أهالي دبي، عُرفت بقوة تحملها وإرادتها العالية وطموحها واشتهرت بكرمها وحبها للخير ومدّ يد العون لكل محتاج، فكان تأثير الشيخة حصة واضحاً في شخصية ابنها الشيخ راشد.

تلقى الشيخ راشد دراسته الأولى في الكتاتيب حيث كانت المنطقة حينها تفتقر وجود المدارس النظامية، وتعلم أصول الفقه الإسلامي واللغة العربية؛ عند بداية الدراسة النظامية وافتتاح مدرسة الأحمدية كان الشيخ راشد من أوائل الطلبة الملتحقين بها، ومنذ صغره اتصف بنضجه وفكره السابق لعصره، وعُرف بأنه شابٌّ مثابرٌ ومحبٌّ للبحث والاطلاع، ومن أهم هواياته الصيد بالصقور وركوب الهجن والخيل والرماية.

ارتبط الشيخ راشد بمجلس أبيه واستفاد منه كثيراً، إذ تعلم كيفية إدارة شؤون الإمارة. عُيّن الشيخ راشد ولياً للعهد عام 1939 وساند والده في تسيير شؤون الإمارة، وأثبت جدارته في تحمل المسؤولية، واستطاع أن ينهض بدبي من أزمات اقتصادية كثيرة أهمها أزمة انهيار تجارة اللؤلؤ والحصار البحري الذي فرضته بريطانيا على موانئ الخليج العربي بعد الحرب العالمية الثانية.

بعد وفاة والده طيّب الله ثراه انتقل الشيخ راشد مع عائلته للإقامة في قصره بمنطقة زعبيل، وتولى حكم إمارة دبي عام 1958، واستمرّ حكمه اثنين وثلاثين عاماً، تطورت فيها دبي ونمت نموًّا سريعاً في كل المجالات.

عمل الشيخ راشد منذ توليه الحكم لتثبيت دبي كمركزٍ تجاري، لاسيما أن عائدات البترول حينها كانت لا تفي بالتزامات الإمارة، فاهتم بالأسواق ودعم التجّار وشجّع الاستثمار وخطّط لآفاق بعيدة ورؤى مستقبلية لإمارة دبي، واهتم أيضاً بإنشاء الدوائر التي تقدّم خدماتها للسكان وتساهم في التقدّم والتطوير كالبلدية والأراضي، والشرطة والجمارك، والمحاكم والكهرباء والمياه، وغيرها.

هيّأ الشيخ راشد القاعدة الأساسية لنهضة دبي الحديثة، فأولى اهتماماً خاصاً للعمران والتجارة، وأشرف على الإنتاج التجاري لنفط دبي الذي استهلّ على نطاقٍ أوسع عام 1966، ولعل أبرز الإنجازات التي حقّقها الحاكم هي الأعمال الإنشائية لخور دبي التي زادت عرض الخور وعمقه، ما جعله واحداً من أهمّ الموانئ التجارية والاقتصادية في المنطقة.

في أكتوبر عام 1972 افتتح الشيخ راشد ميناء راشد، فرسّخ الميناء الضخم اقتصاد التجارة في إمارة دبي بشكلٍ خاص وفي دولة الإمارات بشكلٍ عام. مع افتتاح ميناء راشد ومطار دبي وإنشاء شركة طيران الإمارات، نجح الشيخ راشد في تعزيز موارد إمارة دبي وشجّع مسارات الشحن الدولي وفتح أبواب الإمارة أمام المسافرين الذين توافدوا إليها وحوّلوها إلى محطة تجارية عظيمة تصل بين الشرق والغرب.

لعب الشيخ راشد أيضاً دوراً محورياً في قيام دولة الإمارات، حيث كانت رؤيته تتماهى مع رؤية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فيما يتعلّق بضرورة إنشاء اتحاد يجمع الإمارات السبع، والتي باتت تُعرف اليوم بدولة الإمارات العربية المتحدة. في فبراير 1968، وقّع الشيخ راشد والشيخ زايد على معاهدة السميح المعروفة باتحاد الإمارتين، التي تلاها قيام اتحاد الإمارات السبع في 2 ديسمبر 1971.

انتقل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم إلى رحمة الله في 7 أكتوبر 1990 بعد فترة حكم مليئة بالإنجازات التي حولت دبي إلى منطقة تجارية مهمة.

الشيخ خالد بن محمد القاسمي (1927-1972)

 

 

حاكم إمارة الشارقة من 1965 حتى 1972

ولد الشيخ خالد بن محمد القاسمي عام 1927، والدته هي الشيخة مريم بنت غانم بن سالم بن شهوان الشامسي، تولى مهام حكم إمارة الشارقة من بعد ابن عمه الشيخ صقر بن سلطان القاسمي في 24 يونيو عام 1965 واستمر في الحكم حتى عام 1972.

عند توليه الحكم لم ينظر إليه الشعب بنظرة احترام وتقدير؛ ظنًّا منهم بأنه سيكون سنداً للمستعمرين البريطانيين الذين ساعدوه ليتولى الحكم، ولكنه أثبت خلاف ذلك بذكائه وحكمته السياسية؛ فاهتم أولاً بإنعاش الحياة الاقتصادية في المنطقة.

وبدأت الشارقة في عهده تأخذ طريقها في التقدم والتطور، وسعى لتوصيل مياه الشرب العذبة إلى مدينة الشارقة، واستطاع سداد الديون العالقة على الإمارة، كان للشيخ خالد بن محمد دور كبير في نهضة الإمارة، فقد انصب جهده في العمران، فأنشأ محطة توليد كهرباء جديدة، وشق الطرق داخل الإمارة وما حولها، فارتبطت الشارقة مع المدن والإمارات بشبكة طرق حديثة.

وظهرت لأول مرة في إمارة الشارقة العمارات العالية ذات الطوابق المرتفعة، وأمر ببناء ميناء ضخم لمدينة الشارقة أطلق عليه (ميناء خالد)، وأنشأ مطاراً جديداً يصل الإمارة بالعالم الخارجي، وبنى بالقرب منه فندقاً كبيراً كان يعد أول فندق أُنشئ في ساحل عمان آنذاك.

وفي عهده نشطت الحركة التجارية وفتح المجال للمؤسسات التجارية العربية للاستثمار في الإمارة، وشهدت الشارقة أيضاً في عهده نهضة تعليمية كبيرة وبنى الكثير من المدارس في المدينة والقرى النائية، ومن أهم هذه المدارس مدرسة (عبدالله السالم) التي ساهمت دولة الكويت في إنشائها، وأنشأ مراكز لمحو الأمية، وأمر بإنشاء دائرة المعارف للنهوض بالتعليم في الإمارة.

شهد عهده نهضة اجتماعية متقدمة؛ إذ ظهرت الأندية الثقافية والمسارح، من أهمها (نادي العروبة) الذي أنشأ أول مسرح في الشارقة عام 1966، وقُدمت فيه مسرحيات تعالج المشاكل الاجتماعية التي يواجهها المواطنون في المجتمع بأسلوب توعوي.

اهتم بتنظيم الإدارة الداخلية؛ فأنشأ قوة الشرطة ودائرة العمل والعمال والشؤون الاجتماعية عام 1968، وأمر بإنشاء نادٍ رياضي باسم (نادي الخليج العربي) عام 1969، وأنشأ أيضاً دائرة للعدل، وأصبح للشارقة جهاز قضائي متكامل يتكون من محاكم وقضاة.

عاصر الشيخ خالد بن محمد مباحثات اتحاد الإمارات السبع، وكان موقف إمارة الشارقة في الاتحاد إيجابيًّا، وقد صرّح الشيخ خالد في هذا الصدد بقوله: "إن الاتحاد خطوة طيبة لكنه ليس كل ما نسعى إليه، وإنما نسعى لتحقيق الوحدة الكاملة الشاملة التي تنصهر فيها جميع الكيانات المتجزئة في كيان موحد قوي، ونحن بقدر ما نرحب بالاتحاد ونسعى لقيامه فإنما نعمل لتحقيق الوحدة الكاملة بيننا في ساحل عُمان في إطار الاتحاد، ولتحقيق أهدافنا في الوحدة العربية الشاملة من خليجنا العربي إلى المحيط".

وقّع الشيخ خالد على الدستور المؤقت للدولة وأعلن في 2 ديسمبر 1971 انضمام الشارقة إلى اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة.

توفي في 24 يناير 1972، وانتقل الحكم إلى أخيه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.

الشيخ راشد بن حميد النعيمي (أواخر القرن التاسع عشر- 1981)

 

 

حاكم إمارة عجمان من 1928 حتى 1981

ولد  الشيخ راشد بن حميد النعيمي في أواخر القرن التاسع عشر بإمارة عجمان التي كانت حينها قد وقّعت على معاهدة السلام العام مع بريطانيا سنة 1820، كان الشيخ راشد وحيد والديه، ترعرع في كنف والده وتعلّم منه عادات وتقاليد العرب، واستقى من مجلسه أخبار القبائل والإمارة وقصص الصحراء ومغامرات التجارة، وتعلّم القرآن وتعاليم الكتاب والسنة النبوية الشريفة على يد شيوخ الدين.

كانت الحياة صعبة والطبيعة قاسية، والأمور السياسية في حالة متقلّبة بين حرب وسلم، فهيّأته هذه الظروف لمواجهة مصاعب الحياة.

تولّى الشيخ راشد بن حميد حكم إمارة عجمان عام 1928، التي عرفت في عهده الاستقرار الأمني، وانطلقت نحو التنمية بالرغم من الإمكانيات المحدودة، وبدأت عجمان في عهده تاريخها المعاصر، إذ كان أول حاكم في الإمارات يصدر جوازات سفر. عُرف بحبه للإصلاح وغيرته على الدين، كان إنساناً بسيطاً متعاوناً مع الجميع محليًّا وخارجيًّا، مناصراً للقضايا العربية والإسلامية.

اشتهرت مقولته التي وضّحت موقفه من القضايا العربية التي تتطلب الرد السريع حيث قال: "ليس عربيًّا من يصبر على الضيم، وليس عربيًّا من يجبن أو يتردد إذا دعا داعي الموت". تعاون مع جامعة الدول العربية ووافق على مشاريع التنمية الاقتصادية التي خصصتها الجامعة للنهوض بإمارات ساحل الخليج العربي. اهتم الشيخ راشد بن حميد بالثقافة الإسلامية وأنشأ "المعهد العلمي الإسلامي" الذي كان يدرّس العلوم الشرعية الأساسية والعلوم المدنية الأخرى.

أسس الدوائر لتقديم الخدمات المختلفة للناس، فبدأ بإنشاء دائرة البلدية التي من مهامها: خدمة المواطنين وشق الطرق، وإنشاء الأسواق والإشراف على المشاريع الإنمائية والعمرانية في عجمان، وأعطى التعليم النظامي جل اهتمامه إيماناً منه أن العلم هو أساس التطور والتقدم، وبدأت المدارس النظامية للبنين والبنات في الانتشار بالإمارة، وبنى المستشفيات وجعل العلاج بها مجاناً، وأمّن للمواطنين مياه الشرب عبر خطوط الأنابيب وأدخل الكهرباء، وأسس عام 1967 دائرة الشرطة لحفظ الأمن وتقديم الخدمات الاجتماعية للمواطنين.

كان للشيخ راشد بن حميد النعيمي دور فعال في إعلان اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ عمل مع  الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات من أجل وضع أسس الاتحاد، وسعى لإقامة دولة متحدة قوية، وقال في هذا السياق: "وفاؤنا المطلق لأرض الوطن وتراث الآباء والأجداد يفرض علينا هذا الموقف الاتحادي وإدراك المسؤولية التاريخية لمواصلة مسيرة الاتحاد".

توفي الشيخ راشد بن حميد يوم 6 سبتمبر1981 بعد معاناة طويلة مع المرض، وفقدت عجمان ودولة الإمارات في هذا اليوم شخصاً طيب الأثر، حياته مليئة بالكفاح والإصرار والنجاح، تاركاً بصمة واضحة لكل جهوده في سبيل تطوير وتقدم إمارته وشعبه، وقد رثاه الجميع وجاءت الوفود العربية والإسلامية لتشارك العزاء في فقيد الإمارات، وانتقل الحكم من بعده إلى ولي عهده ابنه صاحب السموّ الشيخ حميد بن راشد النعيمي الذي سار على نهج والده مكملاً راية التقدم لإمارة عجمان.

الشيخ أحمد بن راشد بن أحمد المعلاّ (1908- 1981)

 

 

حاكم إمارة أم القيوين من 1929 حتى 1981

ولد الشيخ أحمد بن راشد المعلاّ في أم القيوين عام 1908، وهو ينحدر من عائلة قوية لها تاريخ عريق في المنطقة وهي "المعلاّ" ويعرفون أيضاً بآل علي. حرص والده الشيخ راشد بن أحمد المعلاّ على تنشئته نشأة إسلامية، فتعلّم القرآن الكريم ومبادئ الشريعة الإسلامية، عُرف بصفات حسنة كثيرة أهمها: العدل والحكمة. تولى حكم أم القيوين عام 1929 وكان يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً، اتخذ من حصن أم القيوين مقرًّا لإدارة شؤون إمارته، وكان يهتم بأمور شعبه وشؤونهم وحاجاتهم المختلفة، عُرف بهدوئه وصدقه ونزاهته ورحابة صدره؛ فكان وسيطاً لحل كثير من خلافات القبائل، انتشر الاستقرار في حكمه واستطاع حلّ كلّ المشاكل الداخلية في أم القيوين، وتكوين علاقات طيبة مع جيرانه حكام المناطق المجاورة وساعدهم في حلّ مشاكلهم.

أسس عام 1968 دائرة البلدية في إمارة أم القيوين قبل الاتحاد، وعيّن لإدارتها ابنَهُ الشيخ راشد بن أحمد الذي كان وليًّا للعهد والمساعد الأول لوالده في إدارة شؤون الإمارة، وتولّت البلدية رعاية أمور المواطنين وإنشاء المساكن الشعبية وشقّ الطرق ومتابعة المشاريع التنموية في إمارة أم القيوين خاصة في المناطق المحيطة بكورنيش أم القيوين، فأمر بإقامة حاجز الأمواج لوقاية المدينة من أمواج البحر وتعميق مدخل خور البحر، وأمر أيضاً بإقامة الحدائق العامة وتشجير الشوارع وإنارتها، وأنشأ دائرة الشرطة لنشر الأمن وحفظ النظام العام، واهتم بالتعليم والصحة؛ فبنى المدارس التعليمية والمستشفيات في مختلف أنحاء الإمارة. كان له دور إيجابي في مراحل قيام اتحاد دولة الإمارات، وشارك الشيخ أحمد بن راشد المعلا في اجتماعات مباحثات قيام الاتحاد.

وفي 2 ديسمبر 1971 وقّع ابنه الشيخ راشد بن أحمد على الدستور بصفته نائب الحاكم ووليًّا للعهد. توفي الشيخ أحمد بن راشد في 21 فبراير 1981 بعد مسيرة حكم دامت نحو 50 عاماً تاركاً أثراً طيباً في القيادة الحكيمة العادلة، وتولى من بعده الحكم ابنه الشيخ راشد بن أحمد المعلا الذي استمرّ في دفع عجلة التطوير في إمارة أم القيوين، حتى وافته المنية في عام 2009، وخلفه صاحب السموّ الشيخ سعود بن راشد المعلا، حاكم الإمارة الحالي.

الشيخ صقر بن محمد بن سالم بن سلطان القاسمي (1920 – 2010)

 

 

حاكم إمارة رأس الخيمة من 1948 حتى 2010

ولد الشيخ صقر بن محمد في مدينة رأس الخيمة عام 1920، نشأ في كنف والده الشيخ محمد بن سالم القاسمي، واستقى منه تاريخ القواسم المجيد فتأثر بتاريخهم البطولي. تتلمذ على يد مطوعة اسمها فاطمة، وحفظ من صغره كثيراً من آيات القرآن والأحاديث النبوية الشريفة، وعُرف عنه ارتباطه بالدين، فضلاً عن حبه لتعليم أبنائه أخلاق وتعاليم الدين الإسلامي وحرصه على ذلك، وتعلم أيضاً القراءة والكتابة ونشأ نشأة عربية إسلامية. عُرف بذكائه وهدوئه وتمسكه بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة. كان يعتز كثيراً بتاريخ أجداده الذين بنوا أكبر قوة بحرية عربية في المنطقة، وعُرف عنه ولاؤه لأمته العربية ونصرته قضايا الحق والسلام.

تولى الحكم في 17 يوليو 1948، بعد تنازل عمه الشيخ سلطان بن سالم عن الحكم، فعمل منذ ذلك التاريخ لإرساء قواعد الوحدة الوطنية بين قبائل منطقته، واستطاع التأليف بينهم وجمعهم. عمل على تطوير إمارته اقتصاديًّا واجتماعيًّا وحضاريًّا، كان قريباً من المواطنين، ويشارك الناس حياتهم اليومية ومجالسهم وأفراحهم، اهتم كثيراً بتطوير إمارته، لاسيما في مجال التعليم ومحو الأمية لإيمانه بدور التعليم في بناء الإنسان والمجتمع وتكوين الوعي الحضاري للدول، فقام بنشر التعليم، وأنشأ المدارس النظامية، وجعل التعليم إجباريًّا للبنات كما للأولاد، ووضع حوافز مادية ومعنوية للطلاب وأولياء أمورهم، وأنشأ دائرة للمعارف لمتابعة شؤون البعثات العلمية في الإمارة، واهتم أيضاً بتوفير رعاية صحية شاملة لأبناء رأس الخيمة فافتتح المستشفى الكويتي، وأنشئت في عهده ثلاثة مستشفيات عصرية في الإمارة.

ساهم مع إخوانه حكام الإمارات في تكوين دولة الاتحاد؛ ففي 10 فبراير 1972 أعلن سموه انضمام إمارته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، فاكتمل بذلك كيان سياسي موحد وقوي، مواجه لتحديات المنطقة، ومترجم لعملية تعزيز أواصر القربى وصلات الرحم بين أبناء الإمارات جميعاً.

وصرّح المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي يومها بقوله: "إننا وإن كنا نبني اتحاداً في هذا الجزء من وطننا العربي الكبير فإنما ذلك لا يعدو أن يكون لبنة في صرح بناء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج".

انطلقت عمليات التطوير والبناء في رأس الخيمة بإرساء قواعد الإدارة الحكومية السليمة وبناء المؤسسات التنظيمية والمالية والإدارية والمرافق والدوائر الحكومية التي تتولى الإشراف على تنفيذ مشاريع التنمية، وقد توالت نهضة رأس الخيمة العمرانية والاقتصادية بتوجيه منه.

في عام 1976 افتتح مطار رأس الخيمة الدولي، وفي 1977 افتتح ميناء صقر، وحققت إمارة رأس الخيمة في سنوات قلائل إنجازات كبيرة، وشهدت تحولات جذرية على طريق التقدم والازدهار، انطلقت من وضع خطط حديثة لتطوير المدينة على أسس عصرية بإقامة العديد من المرافق الحيوية بالإمارة، وحققت إمارة رأس الخيمة إنجازات حضارية شاملة في جميع الميادين، وجذبت العديد من الصناعات الناجحة التي أسهمت في دفع عجلة التقدم ومنها صناعة الأسمنت والأدوية والسيراميك والحديد.

توفي الشيخ صقر بن محمد القاسمي في 27 أكتوبر 2010، وبوفاته يكون قد رحل آخر الآباء المؤسسين للاتحاد وتولى الحكم من بعده ابنه صاحب السموّ الشيخ سعود بن صقر ليواصل مسيرة العطاء من بعد والده.

الشيخ محمد بن حمد بن عبدالله الشرقي (1908- 1974)

 

 

حاكم إمارة الفجيرة من 1938 حتى 1974

ولد الشيخ محمد بن حمد بن عبدالله الشرقي هو الشيخ حمد بن عبدالله، أحد زعماء المنطقة المشهورين بالقوة والشجاعة، وجدّه لأمه هو محمد بن يعرب بن أحمد بن سلطان، من زعماء اليعاربة المعروفين.

تولى حكم إمارة الفجيرة عام 1938، بعد وفاة شقيقه الشيخ سيف بن حمد بن عبدالله. عُرف بكرمه وطيبة قلبه وحبه للشعب.

منذ توليه الحكم حاول بكل جهده تطوير إمارته وساهم في نهضة الفجيرة نهضة إدارية كبرى؛ إذ أنشأ مجلساً بلديًّا ومحكمة شرعية، وافتتح أول مدرسة نظامية في الفجيرة (المدرسة الصباحية) وأول عيادة طبية وأول مستشفى عام 1967.

واهتم أيضاً بالزراعة وتوزيع الأراضي على المواطنين، وشجع صيد الأسماك ودعم الصيادين، وأنشأ شبكة مواصلات وسلسلة من الطرق الداخلية لتسهيل التنقل بين مدن الفجيرة وقراها.

 تمتعت الإمارة بالاستقلال والسيادة في عهده وتطورت كثيراً. عيّن الشيخ محمد ابنه صاحب السموّ الشيخ حمد بن محمد الشرقي وليًّا للعهد وقائداً للشرطة والأمن العام ليساعده في تصريف شؤون الإمارة. كانت قناعته تنطلق من أن الثروة الحقيقية والثابتة هي في المواطن المتعلم والمدرب القادر على تحمل مسؤولية القيام بأعباء مشاريع التنمية تخطيطاً وتنفيذاً.

أُصدرت في عهده الجريدة الرسمية في إمارة الفجيرة عام 1969، وفي العام ذاته أُنشئت المحكمة الشرعية.

رحّب الشيخ محمد بن حمد الشرقي بفكرة الاتحاد، وكان له دور إيجابي مع إخوانه حكام الإمارات الأخرى في إعلان اتحاد الدولة، وشارك في تأسيسها في 2 ديسمبر 1971، ووقّع على دستور الدولة وبدأ رحلة البناء الكبيرة التي شهدتها الإمارات عامة وإمارة الفجيرة خاصة في مختلف المجالات.

رحل الشيخ محمد بن حمد الشرقي 17 سبتمبر 1974 في إحدى مستشفيات لندن بعد مسيرة حافلة بالجهد والعطاء الكبير تاركاً خلفه سجلاًّ من الإنجازات. انتابت البلاد مشاعر الحزن والحداد بفقدانه وشيعت جنازته في مشهد مهيب تقدمه الشيخ زايد وأصحاب السمو حكام الإمارات والشيوخ والوزراء وجمهور غفير من أبناء شعب دولة الإمارات. تولى من بعده ابنه صاحب السموّ الشيخ حمد بن محمد الشارقي مقاليد حكم إمارة الفجيرة التي استمرّت بنهج النمو والتقدّم.